قوانين الاستثمار في الكويت... توازن بين الحرية الاقتصادية والانضباط المؤسسي

By بقلم المحامي/ عبدالرحمن الحوطي 1/8/2025
image

نظرا للدور الكبير الذي تؤديه المؤسسات المالية من البنوك، وشركات التمويل، والتأمين، والاستثمار في دعم الاقتصاد وتحقيق الاستقرار المالي، ، فهي بحاجة ماسة إلى أداة أساسية تنظم عملها وتضمن التزامها بالمعايير المهنية والأخلاقية، إضافة إلى حماية حقوق العملاء. وبقدر ما يكون الإطار التشريعي متكاملا تكتسب المؤسسات المالية مناعة ضد الأزمات، وتوفر لها الثقة اللازمة لتقديم خدماتها المالية المتنوعة من إقراض، وتمويل، واستثمارات وإدارة أصول...الخ ويستند الإطار التشريعي الكويتي المنظم للعمليات المالية والاستثمارية إلى من مجموعة من القوانين الأساسية، في مقدمتها قانون البنك المركزي رقم 32 لسنة 1968، والذي يحدد صلاحيات بنك الكويت المركزي في تنظيم العمل المصرفي ومراقبة السيولة والائتمان، ويتيح هذا القانون للبنك المركزي إصدار التعليمات الرقابية التي تضمن سلامة أوضاع البنوك، وتحد من المخاطر النظامية التي قد تؤثر على الاقتصاد. كما تنظم قوانين الشركات التجارية والاستثمارية عمل المؤسسات المالية غير المصرفية، مثل شركات التمويل والاستثمار، وتخضع شركات الاستثمار كذلك لرقابة هيئة أسواق المال وفقاً لقانون إنشاء الهيئة رقم 7 لسنة 2010، الذي يهدف إلى تنظيم ومراقبة السوق المالي وتعزيز الشفافية والعدالة في التعاملات المالية. وتعد قوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب جزءاً محورياً من هذا الإطار التشريعي وفقا للقانون رقم 106 لسنة 2013 بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والذي يفرض على المؤسسات المالية الالتزام بإجراءات العناية الواجبة بالعملاء، والإبلاغ عن المعاملات المشبوهة، ويعزز من دور الجهات الرقابية في رصد الأنشطة غير المشروعة. ويسهم هذا القانون في ضمان حقوق العملاء من خلال إلزام المؤسسات المالية بالشفافية، والإفصاح الكامل عن شروط الخدمات والمنتجات المالية، وتوفير سبل التظلم وتسوية النزاعات، ومن أبرز الأمثلة على ذلك، ما أصدره بنك الكويت المركزي من تعليمات بشأن حماية حقوق عملاء البنوك، والتي تضمنت ضرورة الحصول على موافقة واضحة من العميل قبل فرض أي رسوم أو فوائد، وتوفير قنوات للشكوى والرد عليها خلال مدة زمنية محددة. أما في سوق المال، فإن هيئة أسواق المال تفرض قواعد صارمة تضمن حماية المستثمرين، وتلزم الشركات المدرجة بالإفصاح الدوري عن نتائجها المالية، وتمنع التداول بناءً على معلومات داخلية، ويعد ذلك ضرورياً لتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص بين جميع المتعاملين في السوق، وفي حال حدوث تعثر أو إخلال، يتيح القانون إمكانية التدخل السريع من قبل الجهات الرقابية، سواء عبر إعادة هيكلة المؤسسة أو تصفيتها بطريقة تحافظ على أموال المودعين وتحد من العدوى المالية. كما تسعى الكويت إلى تعزيز حماية البيانات الشخصية في ظل التحول الرقمي، من خلال مسودة قانون حماية البيانات الذي يتوقع صدوره قريباً، والذي سيكون له تأثير كبير على المؤسسات المالية في كيفية جمع البيانات واستخدامها وتخزينها. وبعد هذا السرد، يمكن القول ان الإطار القانوني المالي القائم يمثل صمام أمان للاقتصاد الكويتي، وسند أساسي لجهود الحكومة في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى داخل البلاد، ومع التحديثات التشريعية المستمرة تتوفر المرونة المطلوبة لهذا الإطار القانوني حماية لحقوق العملاء، وتعزيزا لثقة المستثمرين في إطار رقابي متوازن يجمع بين الحرية الاقتصادية والانضباط المؤسسي، ويحافظ على متانة نظامنا المالي واستدامته.