نقلة نوعية في منظومة التقاضي

By بقلم المحامي/ عبدالرحمن الحوطي 7/20/2025
image

بدأت عجلة الإصلاحات التشريعية تدور في مجلس الوزراء حيث أقر في اجتماعه الأخير مرسومين في غاية الأهمية يمسان صميم منظومة التقاضي في محاكمنا يتعلق الأول بتعديل بعض أحكام القانون رقم 10 لسنة 2020 في شأن التوثيق، الذي أجاز تعديل عملية التوثيق الإلكتروني من خلال وسائل الاتصال الحديثة دون الحاجة لحضور الشخص بنفسه أمام الموثق في وزارة العدل، ويتعلق الثاني بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1960 في شأن إطالة ميعاد الطعن بالاستئناف إلى ثلاثين يوماً، و أجاز للمحكمة أو المحقق الإعلان بالحضور بأي وسيلة اتصال حديثة. وأن كان التعديلان مهمين ويحققان حال تطبيقهما نقلة نوعية في منظومة التقاضي إلا أنني كرجل قانون أرى أن الأهم هو إطالة مدة الطعن أمام الاستئناف لأسباب منها أن إجراءات الطعن في الأحكام الصادرة عن المحاكم من العناصر الأساسية للعدالة، حيث تتيح للخصوم فرصة مراجعة القرارات القضائية والتحقق من سلامة الإجراءات القانونية. وقد شهدت الأوساط القانونية نقاشا واسعا ومستمرا خلال السنوات الأخيرة حول مدة الطعن في الاستئناف، و كانت تمثل نقطة خلاف بين القانون والممارسات العملية، فقد كانت مهلة الطعن في الاستئناف تتراوح بين 15 يوماً و30 يوماً بحسب نوع القضية، حيث اعتبرت هذه المدد قيداً على حق المتقاضين في الطعن، مما أدى إلى مطالبات شعبية وحقوقية بضرورة تعديل هذه المدد . ويحقق تمديد مهلة الطعن في الاستئناف إلى 30 يوماً التوازن بين حقوق المتقاضين في جميع القضايا ويتيح لمحامين الخصوم فرصة مراجعة الأحكام الصادرة عن المحاكم الابتدائية وتحضير المستندات والأدلة التي تدعم موقفهم، فهناك الكثير من القضايا غير المشمولة بمدة الـ30 يوما تحتاج إلى مزيد من الوقت لتجميع المعلومات الضرورية وتقديم دفوع إضافية قد تؤدي إلى تغيير الحكم، كما تتيح لطرفي التخاصم فرصة الاستعانة بمحامين أكثر تخصصا في نوعية القضية المنظورة أمام القضاء وهو ما يعزز فرص تحقيق العدالة ويضمن استيفاء الحق في الدفاع الذي يعد من المبادئ الأساسية في الأنظمة القانونية. ومن الأمور الأخرى التي تدعم أهمية تمديد مهلة الطعن بالاستئناف التعرض في كثير من الأحيان لإجراءات وقوانين ولوائح معقدة تحتاج إلى مزيد من الوقت لدراسة القضية في إطار هذا التعقيد مما يسهل على محاميَ الخصوم اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن خطواتهم القانونية القادمة في سير القضية. ومما لاشك فيه أن زيادة مدة الطعن في درجة الاستئناف كمرحلة مهمة ومركزية في تسلسل درجات التقاضي ستسهم في تحسين جودة الأحكام الصادرة عن المحاكم، فكلما كان هناك وقت كافٍ للبحث ودراسة القضية، زادت فرص إصدار أحكام مدروسة وعادلة، بما يعزز الثقة في النظام القضائي الكويتي.