 
                                                    الحد الأدنى من حقوق العامل وفقا لمنظور المشرع الكويتى
 
                        في العرف القانوني هناك مقولة دارجة تتعلق بمسألة العقود بشكل عام وهي أن “الجهل لا يعفي من المسؤولية، لكنه قد يضيع الحقوق”. وفيما يتعلق بأكثر العقود شيوعا فى مجتمعنا وهو عقد العمل فى القطاع الاهلى حيث نجد أن المشرع الكويتي قام بتوفير الحماية المطلوبة للعامل، وقام بتسهيل اجراءات التقاضى الخاصه بهذا النوع من الدعاوى القضائيه لكنه يفترض أن العامل يعرف حقوقه ويطالب بها، حيث ينظم قانون العمل رقم (6 لسنة 2010) العلاقة التعاقدية بين العامل وصاحب العمل بشكل مفصل، وقام بوضع الحد الأدنى من الحقوق التي لا يجوز التنازل عنها صراحه أو ضمنا حتى باتفاق الطرفين، ومنها فترة التجربة أو ما يقال عنها مده الاختبار القانونيه ، وتلك المده لم يتركها المشرع ولكن تم النص عليها صراحه بأنها لا يجوز بأى حال من الاحوال أن تزيد عن 100 يوم عمل، وإن لم يشملها النص العقدي بوضوح، وكذلك الإجازة السنوية التي لا تقل عن 30 يوما (مدفوعة الأجر)، وعدم تجاوز ساعات العمل 8 ساعات يوميا إلا فى أحوال معينه ونص عليها فى قانون العمل ، إضافة إلى حق العامل فى الإجازات المرضية وحقه فى أيام الجمع والعطلات الرسمية والاعياد الرسمية. وكان من الحقوق الأساسية في عقد العمل مكافأة نهاية الخدمة، واحتسابها وفق عدد سنوات العمل، لتصرف عند نهاية العقد ما لم يكن هناك سبب قانوني لحرمان العامل من تلك المكافأه وقام المشرع بتحديد تلك الحالات ولم يتركها لاراده صاحب العمل . وإضافة الى ما سبق، هناك حقوق لا تُذكر صراحة في كثير من العقود، رغم وضوح القانون بشأنها ، إلا أن بعض العقود تتجاهلها أو تهمشها رغم أنها حقوق مهمة، ومنها بدل ساعات العمل الإضافي ووقت الراحة اليومية والأسبوعية، حيث أنه وفقا للقانون يجب أن يحصل العامل على ساعة راحة على الأقل بعد 5 ساعات عمل متصلة، والحق فى راحه أسبوعيه مدفوعه الأجر عقب كل سته أيام عمل. ومن حق العامل أن يحصل على نسخة من عقده وهي نقطة حيوية لضمان إثبات الحقوق، وعدم جواز النقل أو التغيير الجوهري في طبيعة العمل دون موافقة العامل، إضافة إلى الحق في بيئة عمل آمنة وخالية من التمييز بأي شكل من أشكاله. ومن أبرز التساؤلات القانونية التي يمكن أن تطرح في هذا الشأن سؤال عن عقد العمل متى يكون مجحفا وهل يكون باطلا إذا تم إثبات ذلك الإجحاف؟ وللإجابة عن ذلك من الناحية القانونية نقول أن أي عقد عمل يتضمن شروطا تخل بمبدأ المساواة أو العدالة كفرض جزاءات غير قانونية أو شروط إنهاء تعسفية، أو إذا أبرم العقد بالإكراه أو دون علم العامل ببنوده كافة ، وإذا لم يسجل العقد لدى الهيئة العامة للقوى العاملة، خصوصا عقود العمل فى القطاع الخاص فإنه يحق للعامل اللجوء إلى القضاء للمطالبة بحقه، حتى لو كان قد وقع على العقد. بالأضافه الى حق العامل المفصول تعسفيا فى العقود محدده المده فى الحصول على تعويض يساوى أجر العامل عن المده المتبقيه من العقد بسبب الضرر الذى لحق به من جراء الفصل التعسفى الواقع عليه من صاحب العمل. وفي هذا الجانب نشير إلى خطأ شائع لدى البعض بالاعتقاد أن دور المحامي يبدأ عند الوصول إلى مرحلة القضايا والمحاكم ، في حين أن الأستعانه بمحام قبل التوقيع على عقد العمل يجنب العامل الكثير من المشاكل منها على سبيل المثال لا الحصر بعض الالفاظ القانونيه التى يصعب على العامل البسيط الالمام بمعناها وفحواها فتكون الاستعانه بمحام لتفسير وتوضيح تلك المفاهيم والالفاظ القانونيه يمكن أن يجنب العامل مشاكل مستقبلية جسيمة، مثل النزاعات بشأن المستحقات أو طبيعة المهام، حيث يساعد الفهم القانوني المتخصص على حماية العامل وصاحب العمل من خلال التأكد من التزام أطراف عقد العمل بالقانون، وصياغة بنود الحماية خاصة للطرف الأضعف، إضافة إلى توثيق أي اتفاق شفهي لاحق بعقود يتم الاتفاق عليها بين الطرفين سيما اذا كان هذا الاتفاق أثناء سريان عقد العمل المراد تعديله سواء بتغير المسمى الوظيفى أو تعيير الاجر الشهرى . وكما أن للمحامي دور قانوني في هذا الموضوع فإن عليه واجب توعوي ينبغي القيام به من خلال تقديم نصائح قانونية خاصة فيما يتعلق بمرحلة ما قبل التوقيع على عقد العمل، ووفقا لهذا الواجب ننصح دائما في كل فرصة توعوية متاحة في هذا الشأن بقراءة العقد بتركيز وتفحص، وعدم التعجل في التوقيع مهما كان العرض مغريا، وطلب نسخة من العقد فور التوقيع عليه. كما ننصح بعدم الاعتماد على الوعود الشفهية فطالما لم تكتب فإن القانون لا يعتد بالوعود الشفهية في مسألة عقود العمل على وجه الخصوص وعليه يجب طلب تفسير أي بند من البنود الغامضة أو الفضفاضة، فلا تخجل أبدا من السؤال عما لا تفهمه في العقد مهما كان بسيطا مادمت لا تملك خلفية كافية عنه، ولا تتردد في طلب الاستشارة القانونية المتخصصة في حال كان العقد طويلا أو يتضمن التزامات مالية أو شروط جزائية. وخلاصة القول في هذه المسألة، لا تنتظر لحظة النزاع لتعرف ما لك وما عليك، فالعقد ليس فقط التزاما بين طرفين، بل هو توافق ورضا بين الطرفين قائم على احترام الحقوق والكرامة الإنسانية في بيئة العمل.
 
                     
                                                    