الحماية القانونية من مخاطر التحول الرقمي

By بقلم المحامي/ عبدالرحمن الحوطي 1/30/2025
image

يوفر التحول الرقمي آلية متطورة وسريعة لإنجاز المعاملات اليومية والحكومية، وأصبح الاعتماد عليها ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها، ولكن هذا لا يعني أن استخدام أدواته لا يخلو من المخاطر القانونية وعلى وجه الخصوص في مجالي الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مما يحتاج إلى اتخاذ تدابير قانونية وقائية لتحقيق الحماية القانونية اللازمة من تلك المخاطر. وتبرز أمام مزودي الخدمات في هذين المجالين على وجه الخصوص إشكاليات عدة تجعل من الشق القانوني عنصرا رئيسا لا غنى عنه ضمن عناصر نجاح الاستثمار في قطاع الاتصالات والتحول الرقمي داخل الكويت، فهو بمثابة الضامن لمزاولة النشاط داخل الإطار القانوني للدولة من حيث الامتثال التام للقوانين القائمة وتحديثاتها المستمرة، وما يخص التراخيص وتنظيماتها، وكذلك ما يتعلق بعقود تقديم الخدمات أو عقود الحوسبة السحابية، والأمن السيبراني وصولا إلى تسوية النزاعات وحماية بيانات العملاء والتي تحتاج إلى ضبط قانوني صارم يضمن القيام بهذه المسؤولية على الوجه القانوني السليم. أما عن حماية البيانات الشخصية من المخاطر المتزايدة المرتبطة بالتطورات الرقمية، فقد اتخذت الدولة عددا من الخطوات الناجحة لتعزيز هذه الحماية من خلال تنظيم العلاقة بين مقدمي الخدمات الرقمية والمستخدمين، خاصة فيما يتعلق بجمع ومعالجة البيانات، وأمن المعلومات، وتخزينها داخل الدولة. فحددت شروط جمع ومعالجة البيانات الشخصية فنصت اللوائح ذات الصلة على ضرورة التزام مقدم الخدمة بشروط عدة قبل توفير أي خدمة رقمية للمستخدم، منها الحصول على موافقة صريحة ومسبقة من طالب الخدمة على جمع أو معالجة بياناته الشخصية، مع تأكيد علمه التام بجميع الشروط والالتزامات المترتبة على ذلك، وتوضيح الغرض من جمع البيانات، بحيث يقتصر جمع البيانات على ما هو ضروري لتقديم الخدمة، وتوضيح كيفية استخدامها. كما تناولت اللوائح التنظيمية موضوع المعالجة المشروعة للبيانات والتي تلزم مقدم الخدمة بالتعامل مع البيانات الشخصية أثناء تقديم الخدمة و بعدها بضوابط محددة، منها تقديم معلومات واضحة ومباشرة حول السياسات المتعلقة بجمع ومعالجة البيانات، وتحديد الغرض من هذه المعالجة والأساس القانوني الذي تستند إليه. وتؤدي تلك الضوابط دورا مهما للغاية في منع الاستخدام غير المشروع أو المفرط للبيانات، وضمان التزام الجهات المقدمة للخدمات بالقيام بواجبها في حماية بيانات عملائها، واتخاذ تدابير تقنية وتنظيمية تحمي تلك البيانات من الخسارة أو الضرر أو الوصول غير القانوني أو التعديل والإضافة غير المصرح بهما. وفي هذا الإطار لا ننسى نقطة في غاية الأهمية تتعلق بتخزين البيانات خارج الكويت، والتي وضعت لها قيود واضحة تمنع منعا باتا تخزين البيانات الحساسة للدولة خارج حدودها، بما يحقق السيادة الرقمية ويحمي بنيتنا التحتية. وكل ما سبق استعراضه هي عناوين رئيسة يتوجب على جميع المتعاملين مع أدوات العصر الرقمي أن يكونوا على دراية بها، بخلاف ما يندرج تحتها من تفاصيل يهتم بها القانونيون المختصون عند الحاجة لتوفير المزيد من الحماية القانونية اللازمة لمزودي الخدمة والمستخدمين على اختلاف أنواعهم. وبالأخير، نقول انه كلما زادت المخاطر في مجال ما من المجالات المستحدثة كلما زادت الحاجة إلى الحماية القانونية بما يوفر بيئة آمنة يتم من خلالها تداول الخدمات بسلاسة وطمأنينة بين المستخدمين بأنواعهم ومزدوي الخدمات على حد سواء.