 
                                                    ميناء مبارك وتطوير الجزر...الإنطلاقة الحقيقية لعمل الحكومة
 
                        يعكس صدور توجيهات سامية من سمو أمیر البلاد للحكومة بالإسراع في تنفيذ المشاريع الحیویة استجابة لنبض الشارع وقراءة لما یدور من تطلعات أفرزت انتقادات شعبیة لعمل الحكومة من منطلق أنھا لم تجید ترتیب أولویاتھا خلال الفترة الماضیة واستنزفت الكثیر من الجھد في قضایا بعضھا فرعي والآخر لا یستدعي العجلة. ولقد أحدثت توجیھات سموه (حفظه لله) الانتفاضة المطلوبة في الجھات الحكومیة لتراجع أوراقھا وتعید ترتیب أولویاتھا في الإتجاه الصحیح، وفي مقدمتها الجهات المسؤولة عن مشروع میناء مبارك وتطوير الجزر، حيث نقلت الصحف عن وزيرة الأشغال العامة د. نورة المشعان أن تشغیل الميناء سیتم على وجه السرعة، وذلك بعد أن تم وضع التصور النھائي لخطة تنفیذ الميناء والجدول الزمني لمراحل التشغیل، فضلاً عن الاتفاق مع الجھة المنفذة لبدء العمل في مشروع تطوير الجزر بعد تدشین أعمال مشروع ميناء مبارك الكبير. وتعد مشاريع ميناء مبارك وتطوير الجزر من العناصر المحورية في الخطط التنمویة في البلاد والتي ظلت تنتقل من برنامج حكومي لآخر على مدار سنوات من دون اي خطوات فعلية على أرض الواقع ، ولذلك اعتبر ان خطوات الحكومة التنفیذیة الآن بشأن تلك المشروعات بمثابة بداية حقيقية لعمل الحكومة منذ تكليفها في مايو الماضي، وخطوة مهمة لإستيفاء متطلبات التنوع الاقتصاد وتوفير البنية التحتية اللازمة لتنفيذ المشاریع التنمویة الآخرى. وتبرز أهمية ميناء مبارك الكبير كمحطة مركزية حيوية للخدمات اللوجستية والتجارية من خلال تقديم خدمات عالیة الجودة للسفن والبضائع، مما یساھم في تحسین حركة التجارة ويعزز من النشاط التجاري والاقتصادي في البلاد، بالإضافة إلى تحسین قدرات الكويت في مجال النقل البحري وتسهيل حركة البضائع فهذا الميناء باختصار هو بمثابة بوابة التنمیة في الكويت وجزء رئيسي من رؤية الكويت 2035 لتحقیق التنمیة المستدامة وتعزیز الاستثمارات المحلیة وخلق سوق للاستثمارات الأجنبیة في البلاد. أما موضوع تطوير الجزر وبوضعه على خارطة التنفيذ خلال الشهور المقبلة یكون الفارق بين ولادة الفكرة والشروع في تنفیذھا بمطلع العام المقبل 25 عاما بالتمام والكمال مر خلالها الملف بمراحل وتعثرات غیر مسبوقة، حیث أن فكرة المشروع بدأت في مستھل القرن، وتم تشكیل لجان للدراسة ووضع خطط استراتیجیة تقوم على ثلاثة عناصر رئیسة تتعلق بتطوير البنية التحتية، تعزيز السياحة وحماية البيئة. وبعد ذلك بسنوات وتحدیدا في عام 2010 ، أجریت دراسات جدوى تفصیلیة لتقییم إمكانیات كل جزیرة من الجوانب البیئیة، الاقتصادیة والاجتماعیة وتوصلت تلك الدراسات إلى أن الجزر الكويتیة تمتلك إمكانیات كبیرة لتطوير مشاریع سیاحیة، بما في ذلك الشواطئ، المرافق الترفیھیة والمنتجعات، غیر أن الحكومة لم تعلن رسمیا عن خططھا لتطوير الجزر إلا في بدایة عام 2015 انطلاقا من تطوير جزیرة بوبیان. وبناء على ھذا الإعلان الحكومي بادرت الشركات الخاصة بتقدیم عروضھا لإنشاء البنیة التحتیة الأساسیة وتجھیز الجزر بمرافق حدیثة، وبعد ذلك بسنوات قامت شركات كبرى بتقدیم دراسات حول إنشاء مشاریع ترفیھیة وسیاحیة على الجزر مثل المنتجعات الفاخرة والمناطق الترفیھیة، إلا أن مبادرات القطاع الخاص اصطدمت بالبیروقراطیة الحكومیة التي استھلكت الكثیر من الوقت كما أدت الصراعات السیاسیة إلى انحصار الموضوع في مجمله بین الأفكار والدراسات ولم یتم اتخاذ خطوات حكومیة جادة تجاهه وبالتالي لم یحقق الملف أي تقدم ملحوظ حتى وقتنا ھذا. وجاءت التوجیھات الحاسمة من سمو الأمیر للحكومة بوضع جمیع المشروعات الحیویة على خط التنفیذ العاجل لتضع حدا لكل ما سبق من عراقیل أدت لتأخر تلك المشاریع، كما ان اھتمام القیادة السیاسیة ببرامج تحسین الاقتصاد الوطني وفتح أبواب الاستثمارات، ومراقبة تقدم عمل الحكومة في ھذا الجانب یزید من توقعاتنا بأن تخرج المشاریع التنمویة عموما من عنق الزجاجة وتحرز تقدما ملحوظا سواء فیما یتعلق بملف تطوير الجزر أو غیرھا من الملفات التنمویة. ومما لاشك فيه ان البدء في التنفیذ الفعلي لتلك المشاریع سیعود بالنفع الكبير على البلد اقتصادیا واجتماعیا كما انه سیحقق الاستقرار السیاسي على المدى البعید.
 
                     
                                                    