عودة الكويت إلى أسواق المال العالمية

By بقلم المحامي/ عبدالرحمن الحوطي 10/10/2025
image

شهد طرح الكويت سندات سيادية بأكثر من 11 مليار دولار إقبالا غير مسبوق من المستثمرين فاق كل ما سبقه من إقبال على مصدر سيادي في الأسواق الناشئة، وهو ما يثير تساؤلات عن أسباب استقبال السندات الكويتية بمثل هذا الترحيب الكبير من المستثمرين حول العالم. وللإجابة عن ذلك علينا أن نوضح بداية أن عودة الكويت إلى سوق الدين العالمي لم تقابل بالترحاب من المستثمرين لمجرد كونها دولة غنية وتمتلك فوائض مالية فحسب، بل لأن البيئة القانونية في الكويت هي التي منحت هذه الإصدارات قوة جذب لكبار المستثمرين. فالنصوص القانونية التي تنظم الدين العام، وما يتوفر من ضمانات قضائية وتشريعية، كلها عوامل جعلت المستثمرين ينظرون إلى السندات الكويتية باعتبارها استثمارا آمنا وموثوقا، ومن ثم يمكن القول إن القانون في هذه الحالة لم يكن مجرد إطار تنظيمي، بل كان المحرك الرئيس الذي عزز ثقة المستثمرين وضمن نجاح عودة الكويت إلى سوق المال العالمي. ولصورة أكثر وضوحا نقول أن تنظيم إصدار السندات الكويتية في الأسواق العالمية يخضع لأداة تشريعية أساسية هي من هيأت البنية التحتية القانونية التي مكنت الكويت من العودة بثقة إلى أسواق المال الدولية ألا وهو القانون( 60\2025 ) في شأن التمويل والسيولة والذي وضع الإطار العام لمسألة الدين والاقتراض من الأسواق العالمية، وأتاح إمكانية إصدار الأدوات لأجال طويلة وهي واحدة من أبرز النقاط التي جذبت رؤس الاموال للاستثمار في السندات السيادية المطروحة. كما أن إصلاحات الحكومة فيما يخص بيئة الاستثمار الداخلية وسياستها الاستثمارية الأكثر انفتاحا على الاستثمارات الخارجية قد ساهم في تكامل الإطار القانوني ليوفر غطاء تنظيميا آمنا يشجع المستثمرين على التعامل مع الفرص الكويتية بثقة. وكل ما سبق يدفعنا إلى طرح السؤال عن أهم الضمانات المتوفرة للمتعاملين في السندات الكويتية. وعن ذلك نقول انه من الناحية القانونية، يتمتع المستثمرون في السندات الكويتية بضمانات عدة تجعل هذه الأداة المالية أكثر أمانا، في مقدمتها الضمان السيادي الذي يلزم الحكومة الكويتية بسداد أصل الدين والفوائد في مواعيدها، واستنادا إلى ما تتمتع به الكويت من ملاءة مالية قوية والاحتياطيات الضخمة للصناديق السيادية فهناك أسباب مقنعة لرفع درجة الثقة في أداء الحكومة والتزاماتها في هذا الجانب . وإذا ما أضفنا إلى ذلك القوة القانونية الناشئة عن التشريعات المالية الصارمة التي تنظم الموازنة وتحدد أوجه الإنفاق والإيرادات نجد أن السندات الكويتية من بين الملاذات الأكثر أمانا في العالم لحفظ حقوق المستثمرين فيها. فالقوانين الكويتية المتعلقة بالموازنة العامة وأدوات الاستثمار تتسم بدرجة عالية من الاستقرار، إذ لم تشهد تعديلات جذرية من تلك التي تسبب أرباكا لأسواق المال أو المتعاملين مع السندات المطروحة، وهذا الاستقرار التشريعي يعتبر عاملا محوريا في طمأنة المستثمر بشكل عام. ومن الجوانب المعززة لتلك الضمانات التزام الكويت الكبير بالمعايير الدولية، وإجرائها خلال الفترة الأخيرة تعديلات قانونية جوهرية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لتكون أكثر موائمة مع التحديات العالمية الجديدة في هذا الشأن، إضافة إلى تبنيها معايير (بازل3) بهدف ضمان استقرار النظام المصرفي، وهو ما يعني أن بيئة الاستثمار في الكويت بشكل عام محكومة بضوابط عالمية واضحة، وتسلك في إطارها العام مسارا واضحا لحماية الحقوق المالية، التزاما بقوانين الدولة ووفاء بالعديد من الاتفاقيات الدولية.